الجمعة، 10 يونيو 2011

انجيل الرخاء


مقدمة:

يعلمنا الكتاب المقدس انه علينا ان نتعلم لكي نجد الفرح والسلام , شاكرين وراضيين في وسط الضيق في غياب الغنى المادي والصحة والازدهار الارضي. وذلك ما لا يدركه العالم بمبادئه التي تقود بعض المؤمنيين في ان يصطدموا في الههم اذ جاءوا اليه لا طالبين الخلاص الابدي وانما الخلاص من مشكلاتهم المادية والصحية.
"اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ ِللهِ مُزَكّىً، عَامِلاً لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاِسْتِقَامَةِ."  (2تي 2: 15)
نحن نعيش الان في عالم من المصاعب وفي اوقات تلهينا عن الرسالة الحقيقية للمسيح. ابليس منشغل محاولاً اضعاف رسالة الله . الرسالة التي جاء بها يسوع المسيح مماتاً على الصليب من اجل خطايانا ومقاماً فوق كل شر وسيأتي ثانية.
نحن نعيش في عصر  واعظي الرخاء والازدهار. الذين يحولون الانجيل الى خداع ليقللوا من قيمة وحقيقة النص الكتابي. كثيرون من المعلمين الكذبة الذين يقودوا  الناس الى الانحدار عن طريق الله. انهم يعلموا الطبقات الدنيا من الناس ان كلمة الله وسيلة او آداة لخيرهم المادي والجسدي. وللاسف يقع الكثير من الناس في هذا الفخ ويقضون وقتهم وطاقتهم في البحث عن النص الكتابي الذي يجعل منهم مزدهرين ويعيشون في رخاء. وهم يحتشدون حول الخدام الذين ينادوا بانجيل الرخاء.والذين فشلوا في ادراك ان الكتاب المقدس هو عن التلمذة فكل ما كتب قد كتب من اجل تعليمنا. ويلازم هذا التعليم التاديب, التضحية, الالم, بل ايضا المعاناة. ولكن ليس معنى ذلك بالطبع انه لا يوجد رخاء او ازدهار للمؤمن ولكن من المؤكد ان ذلك ليس الهدف الرئيسي للكلمة . بل هو رسم للعلاقة الحميمية بين الله والانسان من خلال ابنه يسوع المسيح, بل وان الفكرة الرئيسة للمسيحية ليست في ان الله سيفعل امور غير عادية في حيلتنا وانما ان الله فعل وما علينا الا ان نستجيب لهذا العمل من خلال ملء روحه وحملنا للصليب بانكار ذواتنا وتوصيل الرسالة مهما كانت العواقب.
"فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ." (رو12: 1)
" فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ صَابِرِينَ فِي الضَِّيْقِ مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ" (رو 12: 12)
هذه هي البيئة التي يعيش فيها المؤمن الحقيقي لان سر الفرح الحقيقي ليس ان نفرح في اوقات الازدها بل ان نبتهج ونفرح حتى في ضيقاتنا لان رجائنا في المسيح وليس في التعزيات الارضية.
"لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أَنَا فِيهِ." (في 4: 11)
جاء المسيح ليمجد الله بخلاصنا من الهلاك الابدي وهذا هو الاحتيلج الحقيقي.

الفصل الاول- لاهوت الرخاء:

انتشر انجيل الرخاء في الكنائس الكاريزماتية (90% من الكنائس الكاريزماتية متبنية لاهوت الرخاء) والتي تبنت المدرسة الارمينية في الخلاص المشروط باختيار الانسان للطريق الصالح والتي جعلت من الانسان نفسه محور الرسالة وليس عمل الله القائم على الاختيار الغير مشروط (المدرسة الكالفينية) . وبذلك يصبح الانسان بارادته الحرة في اختيار الصالح قادراً ان يحسن من حالته المادية والصحية وبايمانه قادرا ان يكون مزدهرا ماليا وصحيا.
 وكان جيم باكر من اوائل اللاهوتيين الذين نشروا هذه العقيدة التي تنادي بالآتي:
1-                   الله يريد من المؤمن ان يكون بصحة جيدة ان يكون غنياً مادياً:
الله لا يريدك فقيراً, الله لا يريدك مريضاً لذلك فان كل المؤمنيين الحقيقيون يجب ان يكونوا بصحة جيدة وايضا اغنياء غير محتاجين للمال.
 ولكن اذا كان المؤمن مريضاً أو فقيرا !! اذاً فهو لم يحصل على البركة الالهية وذلك لانه يعيش في الخطية التي تمنع عنه البركة او ان ليس لديه الايمان الكافي للحصول على هذه البركة. وطبقاً لهذه الفكرة فان على المسيحي الفقير ان يستثمر في بذرة الايمان......
2-                   بذرة الايمان :
تقوم فكرة بذرة الايمان على استثمار مبلغ صغير في خدمة نشر الانجيل كبذرة للايمان والتي ستعود على المستثمر بالرخاء المادي والصحة الجيدة فيما بعد كنتيجة للاستثمار في نشر الانجيل. اين نقرأ هذه الافكار في كلمة الله؟؟ هل للمؤمن ان يزرع ايمانه؟  هل تحول الزرع الى زارع؟؟
"لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ." (اف 2: 8)
الله هو صاحب البذرة وليست اموالنا وهو معطي الايمان وهوالزارع وهو الذي ينمي وليست جهودنا في نشر الانجيل , نحن في رسالتنا نفتخر بصليب يسوع المسيح وبالام يسوع المسيح وليس بازدهارنا المادي اوقوتنا الجسدية.ان نعمة الايمان هي للخلاص وليست للربح المادي او الصحة الجيدة بل هي للاستثمار في الحياة الابدية.
"فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ بِنَاءُ اللهِ." (1كو 3: 9)
3-                  الكلمة المنطوقة ريما لها سلطان على حياة المؤمن فالكلمة المنطوقة هي امر له سلطان يخرج من الفم الى واقع. فعندما تخرج الكلمة من فمك بايمان تصبح الكلمة لها سلطان بان تغير من واقعك الى الواقع الجديد الذي اردته بالايمان وربما نعلن النص الكتابي بان ما قرأته اليوم من بركات او ويلات سيحدث لي اذا اعلنته بايمان بعيدا عن الدوافع والقلب وكأننا نستخدم الله كآلة تصنع لنا الخير ونطوع روحه القدس من اجل خدمة حياتنا البشرية وكأن الله يعطينا سلطان الروح القدس لا ليستخدمنا بل لنستخدمه.

الفصل الثاني - مشكلة لاهوت الرخاء:

1-                   محور الرسالة هو الانسان وليس مجد الله.
اذا كان الله يريدني غنياً وبصحة جيدة أذا فان رخاء الانسان هو هدف الرسالة وليس المسيح الذي لم يعش حياة الرخاء بل كان فقيراً
فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ».( لو 9:58)
فاذا لم يكن لملك الملوك اين يسند رأسه فهل لي انا العبد والتابع ان اسكن في بيوت تساوي الملايين واركب من السيارات ما يبهر العين ويغيب عنا محور الرسالة وهدف الحياة الاعظم في مجد الله وعظمته وليس مجدنا الشخصي وعظمتنا
"مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي." (غل 2: 20)
واذا كان المسيح هو الحي فينا فليس اذا حياتنا هي المحور بل حياة المسيح والامه وقيامته يقول بولس مع المسيح صلبت لا مع المسيح ربحت اموالاً او اصبحت قويا بل لقد طلب بولس من اجل شوكة جسده ولم يستجيب له الله ليتعلم معنى الالم فكانت هذه حياة خادم الرب:
"لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ،" (في 3: 10)
2-                   الغاء انتظار  الارض الجديدة والسماء الجديدة.
لماذا ننتظر الارض الجديدة والسماء الجديدة؟ اذا توفرت للمؤمن الحياة الرغدة والمعيشة المزدهرة الصحية فلما الانتظار اذا؟ اذا كان الله يريدني غنياً وبصحة جيدة فلما انتظر حياة اخرى وكيف لي ان اشتهي المجيء الثاني ونهاية هذا العالم اذا كنت مدعواً الي الراحة والرخاء الجسدي.
"وَلَيْسَ هَكَذَا فَقَطْ بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضاً نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا." (رو 8: 23)
نئن متوقعين فداء اجسادنا ..اذا ليس بعد ان دعوة الله لنا في الحياة الابدية بعد الموت ان نعيش بل دموع او امراضاو حزن لذلك نحن نئن في هذه الحياة متوقعين فداء اجسادنا والمجد العتيد ان يستعلن فينا.
"إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ." (1كو 15: 19)
ماذا يقول بولس ان المؤمن في هذه الحياة هو اشقى جميع الناس؟؟
لان رجاؤنا ليس في هذه الحياة انما في ارض جديدة وسماء جديدة نحن مدعوون للالم لنقام في المجد متشبهين بموته وقيامته.
3-                  مفهوم مغلوط عن الخطية.
ان وعاظ لا هوت الرخاء يعظوا بما يبهج مسامع البشر  فسبب الفقر والمرض هو الخطية التي في حياتك واذا تخلصت من الخطية ستتخلص من فقرك ومرضك وقد اهملوا في عظاتهم كلمة الله التي تعلن ان الانسان خاطيء بطبيعته وان الفساد ضرب كل الخليقة بسقوط آدم وان الجميع زاغوا وفسدوا ليس من يعمل صلاحاً ولا واحدفهل يكافأني الله ماديا من اجل صلاحي؟؟
"وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا." (رو 5: 8)
ونحن بعد خطاة ومازلنا خطاة مات المسيح لاجلنا ليس من اجل صلاحنا او عملنا نلنا الخلاص العظيم افمن اجل صلاحنا ننال الصحة والغنى؟
ان الخطية الاصلية للانسان هي واقع حياتنا وترتيب امورنا المادية والصحية هي من عند الله ولكن بالطبع ان الخطية تنشيء حزناً وتؤثر سلبياً على جميع نواحي الحياة ولكن هذا حال الكل ليس فقيرا او غنيا مريضاً او صحيحاً فالكل يخطيء والكل يتأثر بالخطية.
4-                   يشجع على محبة المال.
دائما ما نسعى وراء احلامنا وازدهارنا المادي والصحي فهذا طبيعي فما بالك ان يكون هذا وعد من الله لحياتك فما درجة حبك للمال اذا كان الله يدعوك للغنى؟؟
 "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ ." (1تي 6: 10)
"لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ»" (عب 13: 5)
وما ان انتشر الرخاء والا وينتشر الفجور ومحبة اللذة ونسيان الله.
5-                  يقود المؤمن الى الغياب عن الواقع وينشيء صراع داخل الانسان مع عطايا الله.
اذا لم يعطيني الله فانا خاطيء او غير مؤمن بالدرجة التي تفرح قلب الله وينشأ الصراع بين ما اريده وبين ما يعطيه الله لي فاذا اصيب المؤمن بمرض فهذا بسبب خطيةواذا لم يشفى فلانه ليس مؤمنا وقلبه ليس نقياً في طلبته وهنا نرى الكارثة بربط الالم بعدم الايمان بينما يعلمنا الكتاب المقدس ان الالم والايمان مقترنيين ببعضهم فالمؤمن متألم او كيف سيعيش حياة المسيح دون ان يتألم؟
"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ." (1بط 4: 12-13)
"لاَ تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيّاً. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ. هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟ لأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ." (ام 23: 4-5)
6-                  المؤمن يرى نفسه مستحق للحياة الكريمة وتشجيع روح التوقع عن روح العطاء.
في كل يوم نعيشه نعرف عن الله ومجده وايضا عن ضعفنا وعدم استحقاقنا فكيف نضع انفسنا في موضع الطالبين المستحقين البركة؟؟ لقد بررنا المسيح مجانا بنعمته بالفاء وليس لنا اي دور في هذا الخلاص ويدعونا المسيح نفسه ان نطلب اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم فالامور الارضية لا تشكل محور رسالة المسيح وانما الخلاص الابدي.
7-                   ينشيء مشاكل اجتماعية وطبقية.
بالطبع اذا كان المؤمن الحقيقي يتلقى البركة دون الاخرين فسيصبح الغني  في الكنيسة هو الافضل والصحيح هو نقي القلب اما المريض فهو غير قادر ان يؤمن وليس لديه الايمان الكافي للشفاء مما يؤدي الى حدوث فوارق اجتماعية وطبقية تجعل من كنيسة المسيح منشقة ومفككة.
8-                  الله لا يعمل وقت الالم والمرض والضيق بسبب الخطية.
الا يعلمنا الكتاب المقدس ان كل الخليقة تئن وتتمخض معا متوقعة استعلان يسوع المسيح فحاشا لنا ان نقول ان الله لا يعمل في وقت الضيق.















خاتمة:

لقد تم إستغلال موضوع البركة المادية بطريقة مبتذلة وخادعة من بعض كبار الخدام الذين يظهرون فى التليفزيون قد يقولون لك مثلاً أعطى لخدمتنا وسوف تسدد ديونك دفعة واحدة أو سوف تُبارك مائة ضعف أو سوف .. إلخ وهذا إعتداء صارخ على سلطة الله .. فالله يعطى من يشاء ويحجب أحياناً عن ما يشاء ودون أن يشرح لنا الأسباب فى كثير من الأحيان .
قلت لأحد اصدقائى الذى يكرز بإنجيل الرخاء والرفاهية : " لاتقل سوف يباركك الرب إذا أعطيت لخدمتى مالاً " ولكنه لم يستمع لى .. عندما يعبر أحدهم الخط الفاصل بين ما هو من الله وما هو من أنفسهم تستمر الخدمة والمواهب وقد لا يشعرون بأن شيئاً قد تغير وهذا تماماً ما حدث مع الملك شاول الذى لم تفارقه على الفور موهبة النبوة بل استمر يتنباً بعد سقوطه فى العصيان ، وكثير من الخدام الذين يكونون فى خطية فى الخفاء لا يزال الله يستمر فى إستخدامهم فى الشفاء وإخراج الشياطين ، وأنا اقدم هذه النصيحة لمن يريد أن يبنى بناءاً من ذهب لا إمبراطورية مالية على الأرض : تعامل مع المال كأن هناك كاميرات تليفزيونية تراقب ليلاً ونهاراً ما تفعله أمام العالم أجمع .
وعموماً كل شىء سيكون مكشوفاً وعرياناً أمام الله فى ذلك اليوم فالأجدر أن يضع كل واحد منا ذلك اليوم نصب عينه وهو يتعامل مع هذه الأمور .
والآن سوف أسألك سؤالاً صعباً للغاية .. غاية فى الصعوبة :
إذا ما اكتشفت أن الله لن يستخدمك أبداً ثانية هل ستظل شغوفاً فى أن تكون على علاقة صحيحة معه ؟
بكلمات أخرى هل دافعك فى إصلاح ما فسد هو رجوعك لموقع قيادى فى الخدمة المسيحية ونوال تقدير الآخرين ؟
ولكن دعنى أصارحك بأنه إذا كان الأمر متعلق برجوعك لمكانة ومركز معين لتنال تقدير وإحترام الآخرين فإنك ستسقط مرة أخرى بسهولة .
كثير من هؤلاء عادوا مرة أخرى لبرامج التليفزيون ضاربين عرض الحائط بقرارات قادتهم الروحيين بتوقفهم لفترة معينة عن الخدمة ، وهذا دليل على أن ذواتهم لم تسمح لهم بإنتظار الرب لينهى عمله العميق داخلهم وأرادوا العودة بسرعة للضواء كان كل همهم .
يمكننا أن نرى فى داود مثالاً لشخص سقط واُفتضح امره وفقد عرشه ولكنه كان يطمع فى إستعادة علاقته بالله أكثر من إحترام الآخرين أو إسترجاع عرشه ولم يحاول أن يتحكم فى الناس أو الأحداث بل على العكس ترك الأمر بين يدى الله وبدا ذلك فى أكثر من موقف ( عندما كان شمعى بن حيرا يشتمه قال لهم : اتركوه لأن الرب قال له سب داود ) ورفض أن يأتى معه صادوق الكاهن بل رجع إلى أورشليم .

يسمع أحدهم الخدام وهم يتكلمون عن المال وكأن المسيحية لا تتحدث إلا عن البركة المادية ولا حديث عن موت المسيح أو عمل الصليب .
إذا أردت أن تصبح غنياً فاحذر جداً واستمع جيداً لهذه القصة : كان فى كنيستنا سيدة تعانى من زوجها السكير والذى أساء كثيراً إليها واستغلها ، ولكنها كانت تملك وجهاً مشرقاً يحمل حضور الرب وكانت تقوم وتشهد فى الإجتماعات عن أمانة وتعضيد الرب لها فى ظروفها الصعبة ، بعد وقت من الزمن عدت لأجد هذه السيدة وقد تبدل حالها وأصبحت تملك الكثير من المال وترتدى افخر الثياب والمجوهرات وعرفت السر أن زوجها مات فى حادثة وشركة التأمين قامت بدفع مبلغ ضخم لها وأصبحت ثرية ولكنها فقدت الوهج الذى كان يطل من وجهها ولم يعد لديها شهادة تؤديها للرب .. قد يأتى المال ولكن قد يذهب ما هو أثمن بكثير مما يمكن أن يعطيه إياك ...
لاتعلل عدم تدقيقك فى الأمور المالية بسبب سخاؤك أو عطاؤك فهذا ليس مبرر كافى لعدم التدقيق فى كيفية التصرف فى المال ولا تستصغر أى مبلغ فالأمين فى القليل أمين فى الكثير ، وتعامل مع هذا الموضوع كان هناك كاميرات مراقبة تنقل للعالم أجمع تصرفاتك فى الخفاء .. تأكد أنك ستقف أمام كرسى المسيح لتعطى حساباً عن كل هذا كله .